الاكثر قراءه

تحت غطاء كاذب




نشرت صحيفة "كراسنايا زفيزدا" في 2 سبتمبر/أيلول، مقالا بعنوان" تحت غطاء كاذب"، جاء فيه أن الأحداث في ليبيا ما تزال مادة لتعليقات أبرز المراقبين الروس، ومنهم ميخائيل ليونتيف الذي يشير الى دور التدخل الأجنبي في سقوط نظام القذافي. فبعد العار الذي ألحقته بقوات حلف الناتو مقاومة نظام الجماهيرية طيلة نصف عام، شددت قوات هذا الحلف من عزيمتها أخيرا، واستولت على طرابلس. وبدا واضحا اثر ذلك أنه لم تكن ثمة حرب أهلية في ليبيا، ولم يكن ممكنا أن تنشب أصلا،  بل إن ما جرى هو حرب استعمارية في شكلها المبتذل.
وتلخصت حرب الناتو، التي دامت ستة اشهر في ليبيا، بتدمير مكثف للقوة العسكرية، ومواقع الإدارة ، والبنية التحتية الحيوية. وبالتوازي مع ذلك جرى تجنيد وتسليح وتدريب المتمردين، وشن حملة تضليل اعلامي ضخم داخل ليبيا وحولها. ولعبت القوات الخاصة البريطانية والفرنسية دورا حاسما في اقتحام طرابلس، وهي الآن تشرف بشكل علني على ما يسمى بعملية تعقب القذافي.  
ولم يساور الشك أحدا بمآل هذه المرحلة من العمليات العسكرية، فليبيا الضعيفة مقارنة بالناتو ، لا تمتلك الإمكانات المادية للمقاومة. ولئن لم تندلع الحرب الأهلية حتى الآن، فقد تندلع في هذا الوقت بالذات. ويرى رئيس الوزراء الفرنسي السابق دو فيلبان ان هذه الحرب إذا ما بدأت فستستمر سنين طويلة. والاحتلال العسكري المباشر لليبيا على النمط الأفغاني - العراقي ضعيف الاحتمال، غير أن احلال النظام على يد قوات المتمردين أمر متعذر. وفي الوقت نفسه ثمة من يعد العدة لضخ النفط من هناك ، فليبيا تحظى بالاهتمام الدولي بوصفها محطة وقود لأوروبا. 
 وإن المجلس الوطني الانتقالي عبارة عن جهاز متضخم، يرأسه شكليا مسؤولون سابقون في نظام القذافي، انتقلوا إلى جهة "المنتفضين". ولا وجود في المجلس عمليا لزعماء القبائل المؤثرة، في حين تتمثل فيه منظمات إسلامية راديكالية من ضمنها "القاعدة". وهذا يعني أن  "القاعدة" الفظيعة و"مكافحة الإرهاب" لم يعودا من الأمور المهمة للغرب.   
ومن الجدير بالذكر أن الأمريكيين طبقوا في فيتنام مفهوم "فتنمة" الحرب، أي محاولة استبدال الجنود الأمريكيين بجنود محليين ليكونوا طعاما للمدافع. والنموذج الحالي يذكر المرء "بفتنمة" الثورات المخملية. وهذه "الفتنمة" تفقد هذه الثورات بعض مخمليتها. ومن الجلي أن ليبيا ليست الحقل المثالي لتطبيق هذا النموذج . ويبدو أن أمزجة السادة في باريس ولندن هي التي تقف وراء هذا الخيار. 
ومن ناحية أخرى يتضح أن ثمة موقعين أكثر أهمية لتطبيق هذا النموذج، هما سورية وإيران. وجاء في الأخبار أن معارضين سوريين أعلنوا في تركيا عن تشكيل مجلس وطني انتقالي برئاسة برهان غليون، استاذ علم الاجتماع في جامعة السوربون. وبضغط من السلطات التركية نال الأخوان المسلمون وممثلون عن مجموعات إسلامية مختلفة حصة هامة من مقاعد هذا المجلس. وإن الحملة حول سورية - بما في ذلك المجلس المذكور - نسخة طبق الأصل عن السيناريو الليبي مع استثناء واحد، هو عدم وجود قرار أممي لضمان حماية المدنيين. مما لاشك فيه أن سورية دولة أكثر أهمية من الجماهيرية، وانهيارها سيسفر عن نتائج أكثر خطورة مما في ليبيا. وإن مخطط "الفتنمة" الثورية يهدف، بالطبع، إلى "تمشيط" النظام الذي لا يلائم اصحاب هذا المخطط ، وذلك في ظل إسناد جوي قوي. ولكن هذا المخطط لا يمكنه، في حال من الأحوال، ضمان النظام على الأراضي التي يتم "تمشيطها". ولا بد من الإشارة أخيرا إلى أن إحلال النظام ليس هدفا من أهداف من يقف وراء هذا "التمشيط".
Tags:

تنويه:

نرجو من مستخدمي الموقع الكرام عدم إضافة أي تعليق يمس أو يسيء للأديان أو المعتقدات أو المقدسات. ونرجو عدم استخدام خدمة التعليقات في الترويج لأي إعلانات. كما نرجو ألا يتضمن التعليق السباب أو أي ألفاظ تخدش الحياء والذوق العام تجاه أي شخصيات عامة أو غير عامة.

0 التعليقات

اضافة تعليق